كيف جعلها الامتنان أعواماً كما أحب

"الامتنان هو أروع العواطف البشرية وكلما كنت تعرب عن امتنانك لما لديك، كلما زادت احتمالية امتلاكك المزيد". زيغ زيغلر

                         

لم يغيرني شئ كما فعل الامتنان، لطالما كانت كلمة أدخلها في سياق الحديث دون عمق الشعور بمعناها. أتذكر معظم الانتكاسات التي مررت بها في حياتي، كيف كنت أأخذ شوطاً لا بأس به حتى أعود كما كنت، لكن ثمة شئ ما ناقص. كما تعلم أن شئ ما يُفقَد منا في كل مرة تُدك فيها قلوبنا. تبقى هنا و هناك أجزاء مني مبعثرة. أحاول جمع أشلائي لكني أفشل. لا شئ يعود كما كان. 

الامتنان جعلني شخص أفضل منذ أن وجدت طريقه. جعل الأشلاء المبعثرة تشكل كياناً أقوى من داخله قبل ظاهره، لا يهم أياً ما سأمر به سأعاود تشكيل الأجزاء المتبقية لتكون أجمل وذات معنى أكبر. كنت أمارسه عندما أذكر موقف لطيف أو نسيم هواء لفح وجهي برقة، لكن ما لبث الأمر حتى أصبح عادة و أصبحت أعوام كما أحب. 

لطالما ناشد الإسلام بالتدبر و التفكر و الحقيقة و ما كَمن فيها هي كيف يمكن لوقت قصير تتدبر وتمتن فيه يجلب لك كل هذا القدر من السعادة و الراحة، لا يمكنني وصف شعور السعة ورحابة صدري، كيف باستطاعته أن يسع العالم بعد أن كان ضيقاً عليّ؟! كيف لعادة واحدة تكون السبب في أن تتغير الأعوام من شكل إلى آخر، وتكون أعواماً كما أحب! 

الامتنان ليس بالشئ الذي يأخذ من الوقت وإنما ليضيف إليه. أمارسه إن كنت في الشارع ودنا أحدهم مني ليبدي أعجابه بثوبي الأنيق، لسماع صوت من أحب في يومي، لقدرتي على تحريك ساقيّ وفمي المتبسم تلقائياً ما إن شعر بالامتنان. أمارسه إن مر نسيم رقيق على وجهي، إن عدت إلى فراشي بعد يوم متعِب. 

الحمدلله أنّا مسلمون، أنا نُثاب على الامتنان، على ابتسامة رسمت على شفتينا، على الرضا والحمد. 

الأمر ليس صعباً أو عليك تذكره في كل موقف أو ظبط المنبه على أوقاته، إننا نمارسه يومياً في فاتحة الصلاة، وبعد الركوع في قول "الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه"، وفي ثنايا اليوم، كل ما في الأمر هو استشعاره وبعد أن مارسناه دون إدراك، حان الوقت لنعيشه بكل حب وهنا يكمن الفارق.

ستجد الفارق في كل يوم بعد لحظات الامتنان. ستشعر أنك أخف، كما لو كنت تحلق عالياً كالطير لا ثقل ولا أعباء داخلك. هو يجعل المرء منا قادراً على التسامح والتقبل أكثر، ويرتبط الشعور به بتحفيز مراكز الاستحسان والمكافأة في المخ، يعزز هرمونات السعادة ويقلل الحزن والقلق، أليس هذا ما نسعى لأجله؟ 

تذكر أنك حين تشعر بالامتنان لشخص وتخبره، سعادة عظيمة ستغلبك أنت وقلبك. أدامك الله شاعر بنعمه وحامد لعطاياه؛ ترى البصيرة في خيره ومنعه.  

أرجو لك تجربة ممتعة حين تجعلها عادة. فلتبدأ الآن وامتن لثلاث أشياء.. 

                                             تهاني الرياشي