في حقل الانتظار..


أبلغ من العمر الثاني والعشرون عاماً و مازلت أنتظر. الكارثة أن الانتظار يقتل، لا يُبقي سوى رماد لا أمل و لا حياة فيه.

كنت في حقبة الانتظار منذ ولادتي على ما أظن، و مازلت أنتظر، و تمتد الساعات و الشهور و الأعوام و أنا انتظر، يالله كم أنا صابرة! 

للتو قلت صابرة!!
أي صبر هذا و أنا أضيع عاماً تلو الآخر، و تتبدل فصول العام و أنا لم أتحرك، فقط انتظر! 

الكارثة الثانية أن الزمن يتوقف و نسير كأشباح بين ملايين الأحياء. تمر الفصول وتتساقط الأوراق، ثم يأتي من بعدها الشتاء يرثي ما رحل مع خريف الشجر، ثم تولَد وريقاتٌ غيرها و تموت، و مازال العقل يعيش في مشاهد معينة و ينتظر! 

الغريب، أننا نجيد الانتظار مع استمرارية الحياة، و المضحك أننا نجهل ما ننتظره _ربما هذه وسيلة العقل في التمنى و دفع الأمل و الرجاء _. 
يبقى السؤال إن كنا ننتظر حقاً شيئاً ما، ماذا لو لم يؤذن له بالحدوث؟! 
و ماذا إن كنا ننتظر ما ينبغى أن نتحرك تجاهه؟!

أرجو أن يدرك كل منا أن الحياة لا تقف على عاتقه و لا تنتظر أن يشتد ساعده ليحمل أعبائها أو تحين له الوقت المناسب، ألا يقف أياً منا انتظاراً للخلاص أو لتغيير حاله إلى أفضل دون سعي؛ و قد قال الله ذاته"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". فبأي حق ننتظر الخلاص دون جهد، دون سعي؟!

لا تنتظر. 
إما أن تعيش الحاضر فتحيا، و إما أن تموت انتظاراً لما لا ضمان له، ثم تجد نفسك تشيخ و أنت فارغ اليدين بلا جدوى. 

                                      تهاني الرياشي 

                Photo credit:bit.ly/3xQhN24

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بداية..

نظرية التعلق – كيف تؤثر أنماط التعلق على حياة الفرد؟